التعريف بصحيح مسلم
أولا:اسم الكتاب
منهم من يُسميّه باسم "المسند الصحيح" 36 ، ومن العلماء من يسميه "الجامع" 37 ، لكن الكثير من أهل العلم
يسميه اختصارا"صحيح مسلم" واسمه الكامل هو:"المسند الصحيح المختصر من السنن بنقل العدل عن رسول الله صلى
. الله عليه وسلم" 38
ثانيا:سبب ومدة تأليفه
أمّا عن سبب تأليفه فيتمثل في أن سائلا همّ بالفحص عن جملة الأخبار المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم في
سنن الدين وأحكامه، فسأل مسلم تعيين تلك الجملة، فلما تدبر مسلم نواله ومراده، ونظر إلى ما تؤول به الحال، علم
. أن عاقبة ذلك محمودة، فزاده قوة في إجابة نواله 39
وكانت مدة تأليفه هي خمس عشرة سنة، قال أحمد بن سلمة "كنا مع مسلم في تأليف صحيحه خمس عشرة سنة
40 ، وقد صنف مسلم الصحيح في بلده ،بحضور أصوله في حياة كثير من مشايخه، فكان يتحرز في الألفاظ، ويتحرى "
. في السياق 41
. -35 المصدر نفسه، ص 490
. -36 ابن الصلاح، صيانة صحيح مسلم، ص 67
. -37 العصيمي، المتابعات والشواهد - دراسة نظرية تطبيقية على صحيح مسلم -، ص 129
. -38 المصدر نفسه، ص 130
. -39 المصدر نفسه، ص 130
. -40 الذهبي، سير أعلام النبلاء،ج 12 ، ص 566
. -41 ابن حجر، هدي الساري، ص 12
12
ثالثا :عدد أحاديثه وكتبه وأبوابه
عدد أحاديث الكتاب 3033 حديث بدون مكرر، أما بالمكرر فهي 7479 حديث 42 ، ومنهم من قال هي
4000 حديث، وبالمكرر 12000 حديث 43 . وعدد كتبه هي أربعة وخمسين كتابا، ابتداء من كتاب الإيمان إلى كتاب
التفسير .
ومسلم لم يضع لكتابه تراجم الأبواب، إنما جمع الأحاديث المتعلقة بموضوع واحد، وماهو موجود من ذكر عناوين
الكتب والأبواب في بعض النسخ المطبوعة ليس من وضع المؤلف، وإنما هو من وضع من جاء بعده من الش رّاح ،
وأحسن من وضع التراجم هو الإمام النووي في شرحه .
رابعا : شرطه
لم يصرح مسلم بشرطه، فالأمر اجتهادي تخمينين من العلماء، لكن يستفاد شرطه من اسم الكتاب "المسند
الصحيح المختصر من السنن بنقل العدل عن العدل عن رسول الله"، ويظهر هذا في لفظين اثنين هما :"المسند "،
"الصحيح "، حيث ذكر صاحب كتاب"صيانة صحيح مسلم"قوله:(شرط مسلم في صحيحه هو:أن يكون الحديث
. متصل الإسناد بنقل الثقة عن الثقة من أوله إلى منتهاه، سالما من الشذوذ والعلة.وهذا هو حد الصحيح) 44
خامسا:شروحه
لقي كتاب صحيح مسلم عدّة شروح منها:
-1 المعلم بفوائد كتاب مسلم، تأليف:أبو عبدالله محمد بن علي المازري، المتوفى سنة 536 ه.
2- إكمال المعلم، تأليف:القاضي عياض، المتوفى سنة 544 ه.
-3 المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج، تأليف:أبوزكريا يحي بن شرف النووي، المتوفى سنة 676 ه.
. وهناك الكثير من الشروح المطبوعة وغير المطبوعة 45
سادسا:منزلة الكتاب
تبوأ صحيح مسلم بحسن ترتيبه، ودقة وضعه مكانة ومنزلة عالية:
. قال فيه ابن الصلاح:(لو أن أهل الأرض يكتبون مائتي سنة الحديث فمدارهم على هذا المسنّد) 46
. -42 العصيمي، المتابعات والشواهد - دراسة نظرية تطبيقية على صحيح مسلم -، ص 133
. -43 أبو شهبة، في رحاب السنة - الكتب الستة -، ص 116
. 44 - ابن الصلاح، صيانة صحيح مسلم، ص 72
. -45 أبو شهبة، في رحاب السنة - الكتب الستة -، ص 123
. -46 ابن الصلاح، صيانة صحيح مسلم ، ص 67
13
. وقال الذهبي:(وهو كتاب نفيس كامل في معناه) 47
. وقال أبوعلي الحسيّن بن علي النيسابوري:(ما تحت أديم السّماء كتاب أصح من كتاب مسلم بن الحجّاج) 48
يبدوا أن العلماء المتقدمين والمتأخرين قد أثنوا على الصحيحين، وتلقتهما الأمة بالقبول، رغم بعض الانتقادات
الموجهة لهما، لكن جلّ هذه الإنتقادات كانت في بعض الأسانيد، لا في المتن، أما المتون المنتقدة فقليلة جدا، حتى وإن
وجدت فهي في طرف من الحديث أو زيادة لفظة فقط لا كلّ المتن، مع إمكان دفع ذلك ورده 49 ، ومن هؤلاء النقاد
المتخصصين:الإمام الدار قطني في كتابه الإلزامات والتتبع، والإمام أبو بكر الإسماعيلي في مستخرجه على صحيح مسلم،
والإمام أبو سعود الدمشقي في كتابه الأطراف، والإمام أبو علي الج بائي الغساني في كتابه تقييد المهمل وتفنيد
. المشكل 50
وأما الذين طعنوا في الصحيحين وليسوا من أهل الحديث، ولم يدرسوا علم الحديث دراية ورواية، ولم يتعمقوا فيه فلا
اعتبار لقولهم أو نقدهم.
وإذا أردنا أن نوازن بين الصحيحين، فإن جمهور العلماء على تقديم صحيح البخاري على صحيح مسلم لعدة
اعتبارات منها:
-1 الشرط الذي استقاه العلماء من صحيح البخاري أشد وأقوى من شرط مسلم، إذ البخاري اشترط اللقاء
والمعاصرة، أمّا مسلم فقد اكتفى بالمعاصرة. 51
-2 وكذلك شهادات العلماء على تقديم صحيح البخاري على صحيح مسلم، ومن ذلك ما قاله الدار قطني لما
ذكُر له الصحيحان، فقال:(لولا البخاري لما ذهب مسلم ولا جاء، وأي شيئ صنع مسلم، إنما أخذ كتاب البخا ري
. فعمل عليه مستخرجا وزاد عليه زيادات) 52
-3 الأحاديث المنتقدة عليهما وصلت إلى مائتين وعشرة،اختص البخاري منها بأقل من ثمانين حديثا،وباقيها
. ا مسلم 53 اختص
. -47 الذهبي، سير أعلام النبلاء،ج 12 ، ص 568
. -48 العصيمي، المتابعات والشواهد - دراسة نظرية تطبيقية -، ص 137
. -49 لتوسع انظر كتاب:مصطفى باجو، الأحاديث المنتقدة على الصحيحين، ط 1، مكتبة الضياء، طنطا، 2005 ، ص 8
. 50 - المصدر نفسه، ص 6
. 51 - نصر سلمان ، الموجز في علوم الحديث، ط 1، دار الفجر للطباعة والنشر، قسنطينة، 2003 ، ص 130
. 52 - ابن حجر، هدي الساري، ص 10
. 53 - نصر سلمان، الموجز في علم الحديث، ص 126
14
وينبغي الإشارة إلى أن هذا التفضيل ليس على العموم، فليس كل حديث في صحيح البخاري أصح مما في صحيح
. مسلم، بل هناك أحاديث في صحيح مسلم أصح من أحاديث البخاري 54
احتل الصحيحان مكانة عالية لدى الناس جميعا بفضل جملة من الخصائص العلمية التي اعتمدها البخاري ومسلم
ولعلّ أهمها الإخلاص وتحري الصدق في كل حديث.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
موضوع رائع